إكتّشف | الإثنين - 15 / 01 / 2024 - 10:20 م
في سعيها لوضع اسمها على رأس قائمة الدول المتقدمة، أطلقت المملكة برنامج التحول الوطني عام 2016، كأول برامج رؤية السعودية 2030 في الذكاء الإصطناعي وأتمتة أنظمة تخطيط الموارد ومساعدة الأعمال على إجراء تحول رقمي متكامل في الشركات والمنشأة العامة والخاصة ومن أهم هذه القطاعات (الإدارة العامة للتحول الرقمي في وزارة التعليم )
وبالفعل، ينصب تركيز الدولة على تنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط، مما يجعل تحفيز الابتكار أولوية حاسمة. إن التحول الرقمي في مختلف القطاعات، من المدن الذكية والتجارة الإلكترونية إلى أنظمة الرعاية الصحية والطاقة المتجددة، يغير وجه المجتمع السعودي.
إنما، كأي دولة أخرى تسعى إلى تأمين اقتصادها للمستقبل وتعزيز حياة مواطنيها، وضعت المملكة العربية السعودية نفسها في تحدي، وكان تسخير التكنولوجيا الرقمية لتحديث الخدمات الحكومية نقطة البداية.
وسُميّ المنصة الوطنية الموحدة، والتي تربط جميع الخدمات الحكومية، ولكنها مع عملها -جنبًا إلى جنب- مع مراكز الخدمة التي تقدم الخدمات للمواطنين الذين لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت.
وفيما يتعلق بكفاءة وفعالية الحكومة، تم تصميم النموذج التشغيلي والهيكل التنظيمي لهيئة الحكومة الرقمية، المسؤولة عن رقمنة الحكومة بأكملها. ويتضمن ذلك تجربة التقنيات الجديدة – بما في ذلك الذكاء الاصطناعي (AI)، والبلوكتشين (blockchain)، وإنترنت الأشياء (IoT) – لتحسين أداء الوزارات عبر الحكومة.
وإضافة للجانب الحكومي، تطلب هدف المملكة العربية السعودية -المتمثل في بناء دولة حديثة للمستقبل- منها احتضان الشركات الناشئة؛ حيث يستطيع رواد الأعمال الشباب بناء شركات “يونيكورن” (شركات ناشئة تبلغ قيمتها مليار دولار أمريكي أو أكثر). ولهذا السبب، تم تصميم المفهوم والاستراتيجية ونموذج التشغيل وخريطة الطريق للمركز الوطني للابتكار الرقمي. الذي يعزز قيمتي الابتكار وريادة الأعمال بين الشباب، كما يعمل على تحويل المملكة العربية السعودية إلى مركز إقليمي للابتكار ولاعب عالمي في الاقتصاد الرقمي.
استعانت الحكومة السعودية بشركات متخصصة لتطوير برنامج مفتوح المصدر لجعل البيانات الحكومية متاحة بشكل مفتوح للشركات، فضلا عن استراتيجية للرياضات الإلكترونية “E-sports” والألعاب الإلكترونية “E-gaming”.
ومن منظور دولي، أُطلقت قمة حكومية عالمية من شأنها تعزيز تبادل الأفكار حول الحكومة الرقمية وأفضل الممارسات. أقيم أولها في عام 2019. ومن المزمع عقد نسخته الخامسة؛ قمة التحول الرقمي لعام 2024 تحت عنوان “من الطموح إلى العمل: خارطة طريق التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية” في الخامس من يونيو (حزيران) للعام الجاري في مدينة الرياض.
يعمل أكثر من 340 ألف شخص في القطاعات الرقمية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. كما توسّعت مشاركة النساء في هذا القطاع بسرعة لتصل إلى 32.5% (مقارنة بـ 24% في عام 2021).
وقد شملت رؤية 2030 المشهد البيئي؛ وتعد مدينة نيوم NEOM، المشروع الطموح الذي أطلقه الأمير محمد بن سلمان آل سعود، رئيس الوزراء السعودي في يوم الثلاثاء 24 أكتوبر/تشرين الأول 2017 ، والذي يهدف إلى إنشاء مدينة مستقبلية تعمل بالطاقة المتجددة، مثالاً واضحًا على ذلك. ومن خلال الاستفادة من الرقمنة، من المقرر أن تصبح نيوم مركزًا عالميًا للابتكار ونموذجًا لتطوير المدن الذكية.
لا أحد ينكر أن إطلاق برامج آلية جديدة هو مجرد بداية لعملية التحول الرقمي. لتغدو المرحلة الثانية هي التحسين المستمر وتجاوز المعوقات لضمان النجاح.
وبحسب ما ورد في مؤشر التحول الرقمي 2020، جاءت العوائق الرئيسية الثلاثة المرتبطة بالتحول الرقمي، والتي حددها المشاركون في المؤسسات في المملكة على النحو التالي:
خصوصية البيانات ومخاوف الأمن السيبراني
في المتوسط، تتعرض المملكة العربية السعودية لـ 160 ألف هجمة إلكترونية يوميًا. ومع سعي غالبية الشركات في المنطقة لتوسيع مبادرات التحول الرقمي، فمن المرجح ارتفاع هذا العدد بسهولة.
لوضع هذا في الاعتبار، كلما زاد عدد البيانات المخزنة في سحابة المؤسسة، أصبحت أكثر إغراءً لمجرمي الإنترنت. وبالتالي، ليس من المفاجئ أن تعتبر خصوصية البيانات والأمن السيبراني أكبر عائق للابتكار الرقمي من قبل الشركات في المملكة العربية السعودية.
بالنسبة للمؤسسات التي تهدف إلى برامج التحول الرقمي الناجحة، فإن هذا يعني شيئًا واحدًا: الخصوصية والأمن السيبراني هما جانبان حاسمان يجب عليهما إعطاء الأولوية لتجنب المشكلات الأمنية المكلفة والمدمرة.
يلعب نظام لوجيكس لتخطيط الموارد دور الملاك الحارس؛ إذ يتمتع بضوابط أذونات متقدمة للغاية لحماية البيانات الهامة والمساعدة في الحماية من الهجمات الإلكترونية من مجموعات المخترقين من خارج المؤسسة، علاوة عن الوصول غير المصرح به إلى المعلومات من داخلها.
تعد إستخبارات الأعمال (BI) ضرورة قصوى لأي مؤسسة في سبيل اتخاذ قرارات دقيقة وحاسمة للوقت من شأنها أن تؤثر على جهود التحول الرقمي للمؤسسة بأكملها. وبالتالي، فإنها تعتمد بشكل كبير على الأساليب والتقنيات التي تجمع البيانات وتحللها والتي ستكون بمثابة الأساس لتوجيه الأعمال.
عندما يتمكن صناع القرار في الشركة من الوصول إلى البيانات في الوقت الفعلي، يكونون قادرين على استخلاص رؤى أكثر استنارة وتطوير إجراءات استراتيجية تتماشى مع أهداف العمل.
ولسوء الحظ، تظهر دراسة حالة لإستخبارات الأعمال في المملكة العربية السعودية أن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه المؤسسات في المنطقة هو اختيار البيانات وتفسيرها واستخلاص الرؤى الضرورية لتحسين عملية صنع القرار.
ولهذا السبب، يحتاج قادة المؤسسات إلى التزوّد بأدوات فعالة تساعدهم في جمع وتلقي وتحليل وتوليد رؤى قابلة للتنفيذ. ستتمتع الشركات التي تستثمر في الحلول التقنية الصحيحة -التي توفر القدرة التنبؤية وتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة- بقدرة أكبر في الحفاظ على قدرتها التنافسية. على سبيل المثال، تتضمن مجموعة أدوات التحليل في نظام لوجيكس لتخطيط الموارد: استخراج البيانات والنصوص، وتصور البيانات، والتحليلات الوصفية، وكلها تضيف سياقًا غنيًا إلى بيانات الشركة.
أخطر عوائق التحول الرقمي بحسب ما لاحظه قادة الشركات في المملكة العربية السعودية هو ركود الاقتصاد العالمي الناجم عن الوباء.
في جميع أنحاء العالم، كانت صناعة النفط والغاز من بين الصناعات الأكثر تضرراً حيث تم إغلاقها مؤقتًا وتعليق الصادرات. أدت سياسات الحجر الصحي إلى إغلاق الحدود مما أثر بشكل كبير على سلاسل التوريد، وارتفاع معدلات البطالة، وتسبب في انخفاض طلبات المستهلكين.
لحسن الحظ، تساعد التقارير في نظام لوجيكس لتخطيط الموارد المؤسسات على التنبؤ بهذه التحولات والتكيف معها بشكل استباقي، مما يجعلها متقدمة بخطوة عن التغيير وتضعها في أفضل وضع للحصول على ميزة تنافسية.
في حين أن هناك بعض العقبات التي تعترض طريق التحول التنظيمي، فإن قادة الأعمال لديهم القدرة على تحديد وتنفيذ المبادرات التي من شأنها أن تضع شركاتهم في وضع أفضل.
لا ينبغي للحواجز أن تمنع الشركات في المنطقة من متابعة مبادرات التحول الرقمي الخاصة بها. إذا كان هناك أي شيء، يجب على قادة الأعمال أن ينظروا إلى هذه التحديات على أنها تحديات يحتاجون إلى التغلب عليها من أجل ترسيخ مكانتهم والبقاء قادرين على المنافسة في الصناعات الخاصة بهم.
تعد المملكة سبّاقة عندما يتعلق الأمر بتبادل الدروس المستفادة بشأن إقامة اقتصاد رقمي قادر على الصمود وشامل للجميع. فخلال الحظر العام أثناء جائحة كورونا، استجابت المملكة للزيادة الهائلة في الطلب الرقمي.
وأخيرًا، يمكن لظهور المملكة كرائد في هذا القطاع أن يساعد في تسريع وتيرة الاستثمار في الاقتصاد الرقمي ليس فقط في دول مجلس التعاون الخليجي ولكن أيضًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأوسع نطاقًا .